الرئيسية / إسلاميات / وارتحل القمر

وارتحل القمر

رحيل قمر بني هاشم أو الكافل أو ساقي العطاشى ومن يحمل القاب عديدة جميعها تصب في وصف شخصية فذة ونادرة كالعباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام الذي شكل رحيله فاجعة على قلب المولى الحسين عليه السلام والعقيلة زينب وبقية العائلة الهاشمية.. ولم ينل ذلك من فراغ فمع عظم الهيبة التي يصفها بها التأريخ كان يحمل صفة الحنان والمحبة للأخت التي اتخذته كافلاً لها من بين جميع أخوتها ..وكان يتصف بالطاعة التامة والتفاني للأخ الذي من إجلاله له لايناديه إلا ب ياسيدي أو يابن رسول الله أو يابن والدي ..ولم ينطق بالأخوة إلا قبل أن تفارق روحه الحياة ليعانق الأخ قبل أن تغمض جفنيه ويعتذر منه على التقصير ..

وأي تقصير ! فالحياة عقيمة أن تنجب أخ يحمل بوفائه لأخيه من أبيه مثل قمر العشيرة .. حق للأخوة أن تنصهر برحيلك فمن يستحق أن يجسدها مثلك وحق للوفاء أن يخرس  ..

نتحدث دائماً عن شجاعتك وبطولتك ووفائك ولكن ! هل تحسسنا يوماً ماهو المك ياسيدي ؟ ومتى تفوهت بكلمة آه ؟

مع قطع كفك الأيمن ثم الأيسر من الزنود لم نسمع الرواة بإنك تفوهت بكلمة آه بل صمدت ولم تعُر ذلك أهمية وازداد تركيزك على هدفك وهو إيصال الماء للمخيم ..

وعندما أمطرتك السهام بوابلها لم تأبه لأي سهم وقع في جسدك ولم تتفوه بالآه بل تابعت المسير للوصول للمخيم ولولا قضاء الله وقدره لتمكنت من إيصال المياه بلا أكف .. وعندما اخترقت السهام القربة ورأت عيناك إراقة الماء على الأرض هنا تفوهت بكلمة آه عميقة نابعة من صميم القلب لأن ماكنت تسعى لإيصاله تلاشى فخط التأريخ كلمة الآه لك ب (آه لعطشنك  يابنات علي وفاطمة) لتدخل في عالم الألم والحسرة وتنسى أجواء الحرب الطاحنة التي تحوط بك فينتهي الألم بسهم العين الذي أصاب مقلة عينك فيمنع عنك الرؤية ..

هذا السهم وقع في قلب المولى الحسين ووقع في قلب الأخت التي تنتظرك بلهفة وفي قلب كل طفلة تراك فتشعر بالآمان وفي قلب كل محب لك .. لتختم حياتك بتفانٍ أخير وهو أن تغمض عينيك رافضاً أن يحتضن سيد الشهداء رأسك الشريف بيديه ويرفعه عن حرارة الثرى مواساة منك له في ذلك حيث عند سقوطه على ثرى نينوى لن يتواجد أحد ليرفع رأسه ويحتضنه..

فسلام الله وملائكته عليك يابن أمير المؤمنين وأم البنين التي تشرفت بأفعالك ويابن الزهراء عليها السلام التي تعدك إبن لها لجُل ماقدمت ..وعظم  الله أجر سيدي ومولاي الإمام الحسين وأجر عقيلة بني هاشم  وأجر بقية الله في أرضه والعائلة الهاشمية وأجورنا جمعا بهذا المُصاب الجلل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *