الرئيسية / مقالات / تهيئة الطفل النفسية للصوم .. للكاتب والأخصائي النفسي الأول: حسين آل ناصر

تهيئة الطفل النفسية للصوم .. للكاتب والأخصائي النفسي الأول: حسين آل ناصر

أطفالي يكرهون الصيام، يصومون ساعات قليلة، لا يكملون صومهم مثل أبناء أختي، يشربون ويأكلون ويكذبون إذا واجهتهم، الأصغر منهم سنا يصومون، عندما كنا صغارا كنا نصوم رمضان كاملا، هذا جيل كسول.

ذاك لسان حال كثير من الأمهات تلك أصواتهن وشكاواهن في شهر رمضان، فهل يا ترى هن يبالغن أم يصبن كبد الحقيقة في فضفضاتهن؟
من باب الإنصاف للنساء والأمهات، تهيئة الطفل للصوم ليست التهيئة الفريدة الملتصقة بهن بل هناك أنواع أخرى كالتهيئة للحمل، وللولادة، وللرضاعة، وللفطام ، وللانفصال، وللتدريب على دخول الحمام وغير ذلك، ولكننا هنا سنتحدث عن التهيئة للصوم.

لا يوجد اتفاق وقول فصل في سن البداية المقترح لتدريب الطفل على الصوم، وتوجد في ذلك آراء متعددة معظمها ترى أنه يمكن التدريب على الصوم التدريجي ابتداء من سن السابعة، وقليل منها يرى أنه يمكن التدريب في عمر خمس السنوات، ورغم هذا الاختلاف في تحديد سن بداية الصوم إلا أن جميعهم يتفقون على أن ذلك يعتمد على عاملي الصحة والمرض.

يؤكد المختصون على التدرج في تدريب الطفل ويولون ذلك أهمية قصوى، ويعتقدون أنه لا يمكن للتدريب أن ينجح في غياب التدريج، وحتى يتحقق هذا النجاح يجب أن يقدم التدريب بعناية فائقة ومن خلال تهيئة جسمية وأخرى نفسية.

تختلف احتياجات الطفل الجسمية عن الكبير، وعليه لابد من متابعة التغيرات في مستوى السكر عنده، ومراعاة عدم نقص السوائل لديه، والتأكيد على الأكل خلال فترتي الفطور والسحور وبينهما، مع قطع الصوم في حال استدعى الأمر ذلك، وبشكل خاص عند من يعانون من أمراض مزمنة، ومن هنا تنبثق أهمية فهم التهيئة الجسمية لدى الطفل للصوم.

تبذل الأمهات قصارى جهدهن في محاولة إرغام أطفالهن على الصوم، مستخدمات النصح المباشر تارة، والتهديد والوعيد تارة أخرى، والمتطرفات منهن يلجأن للصراخ والضرب واستخدام أقسى أنواع العقاب والنتيجة صفر، فلماذا؟
يغيب برنامج التهيئة النفسية عن ساحة الأمهات، ورغم بساطته وعدم الحاجة في تطبيقه للمختصين إلا أنه يحدث فارقا كبيرا مع الأطفال وتأثيره يمتد لأمد طويل.
تبدأ التهيئة النفسية باستيعاب الطفل وفهم نموه وعواطفه، ومشاركته برنامج الصيام وفعالياته مع وضع جدول يومي له ينشغل به أثناء النهار، ذلك يعني الاستماع له والحديث معه وإشباع حاجاته، إذن ينبغي التحدث مع الطفل بحب عن شهر رمضان وعن الصيام وفوائده، عن حسنه وأجوائه، فغايتنا هنا ربط الطفل بعنوان الجمال.

ولأن الطفل يحتاج لمعززات مادية فينبغي مكافأته وتعزيز سلوك الصوم عنده بعد صيام نصف يوم، أو يوم أو يومين أو ثلاثة، ويكون ذلك التعزيز بالاتفاق والتعاقد مع الوالدين، فقد نحتاج لزيادة المكافأة بعد الصيام لأكثر من يوم مثلا، وذلك بشكل تدريجي بالإضافة لاستخدام المعززات المعنوية كالمدح والثناء والتشجيع، علاوة على ذلك يمكن ربط الشهر بالأضواء والأجواء والفوانيس وغيرها، وسيكون أجمل لو قام الطفل بتجهيزها مع الوالدين حتى يستشعر التغيير ويستفز لتجربته.

لشهر رمضان مذاق لا نظير له وعبق زكي يمتزج برائحة الذكر والقرآن يعلق بالذهن فلا ينسى ويمتزج بالروح فلا يفنى.. رمضان يا رمضان..

الكاتب الأخصائي النفسي الأول: حسين آل ناصر
ماجستير علم النفس الإكلينيكي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *