الرئيسية / مقالات / ما يُعَلِّمهُ الأثرياءُ ولا يُعَلِّمهُ الفقراء لأبنائهم

ما يُعَلِّمهُ الأثرياءُ ولا يُعَلِّمهُ الفقراء لأبنائهم

يَستعرضُ روبرت كيوساكي من خلال كتابه «الأب الغني والأب الفقير» قصة حياته العملية، حيث بدأ شغفه بالمال في سنٍّ التاسعة عندما قرَّر مع صديقه «مايك» أنْ يبدأ رحلة البحث عن الثراء، وقد كانا في تلك العُمر المُبكِّرة يحتاجان لموجّهٍ يُرشدهما أين يضعان قدميهما في بداية الطريق.
عاش «روبرت» بين أبوين كما ينقل، أبوه الحقيقي، وهو جامعيّ ويعمل لدى الحكومة، وأبوه الثاني – والد صديقه مايك – وهو الرجل الثري الذي ترك مقاعد الدراسة منذ أن كان في الثالثة عشرة، والذي اتفقا على أن يفاتحاه في موضوع تعليمهما قواعد الثراء، وبدوره أخذ على عاتقه تعليمهما أهمها.
أخذ روبرت في عقد المقارنات بين فكر أبيه الحقيقي وفكر أبيه الثري من خلال استعراض العبارات المُتباينة التي كانا يُطلقانها، والتي كانت تعكس نظرة كُل منهما تجاه المال، فمثلًا: كان أحدهما يقول «حب المال رأس كل خطيئة»، فيما يقول الآخر «قِلَّة ذات اليد هي رأس كل خطيئة».
كان للأبوين مساران فكريان مختلفان، إذ كان أحدهما يقول «أحد أسباب عدم بلوغي الثراء هو أن لديّ أطفالًا»، أما الآخر فكان يقول «السبب الذي لابد لأجله أن أبلغ الثراء هو أن لديّ أطفالًا».
الأب الفقير كان دائم القول «لن أُحقق الثراء أبدًا» وقد أضحتْ تلك النبوءة حقيقة، بينما الأب الثري حتى في أزمته المالية كان يعتبر نفسه ثريًّا ويقول «هناك فارق بين الفقر والإفلاس، فالإفلاس أمرٌ مؤقَّت بينما الفقر أمر دائم».
كان الأب الثري يؤمن بقناعةٍ راسخةٍ وهي أنَّ أحد أهم الأسباب التي تدفع بالأثرياء للمزيد من الثراء وبالفقراء للمزيد من الفقر هو أنَّ قواعد المال يتمُّ تعليمها في المنزل وليس في المدرسة، فغالبية الناس تلقُّوا معرفتهم عن المال من أبويهم وليس من مُعلّميهم، لأن المدارس تُركِّز على المهارات الدراسية والمهنية وليس على المهارات المالية.
يُشير الكتاب لملاحظة هامة، وهي أنَّ الناس يعملون لجنيِ المال انطلاقًا من الرغبة، لأنهم يظنون أن للمال قدرة على جلب السعادة، لكن السعادة التي يجنيها المال وقتية وسرعان ما تزول وسرعان ما يحتاجون للمزيد من المال لتحقيق المزيد من السعادة.
وفي المقابل، فإن سعي الكثير من الأثرياء لجمع المال ليس بدافع الرغبة، بل بدافع الخوف، إذ يحسبون في البداية أن المال قادر على تخليصهم من خشية العَوَز، فيُكدِّسون الملايين من المال، ثم يكتشفون أن خوفهم قد تضاعف، لأنهم يخشون فقدان هذا المال الذي جمعوه.
الكتاب في مُجمَله شخّص المشكلة في الفكر وقدّم نصائحَ مهمةً واستعرض سُبلًا لافتة، لكنه تناول موضوعًا دقيقًا كالمال بعمومية رغم أنَّ هذا الموضوع تحديدًا يحتاج لشيء من الخصوصية، وذلك لاختلاف اقتصاديات الدول واختلاف مواردها من حيث النوع والندرة والوفرة، ما يؤدي أيضًا إلى تفاوت الفرص بين الأفراد.
واستعرض أيضًا المال بأسلوبٍ نظري صِرف وغفل عن أنَّ المال في أصله قائم على الأرقام والنِسَب المئوية التي تديرها بعد ذلك النظريات والأفكار والخبرات.

الكاتب الأستاذ: رائد البغلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *