الرئيسية / مقالات / عندما تعلم أنه لا يكفي أن تعلم

عندما تعلم أنه لا يكفي أن تعلم

كنَّا نعيشُ حياةً هادئةً ورتيبةً قبل أن تقتحم الشبكة العنكبوتية عالمنا، وتُهيمن وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا، وكنّا نجد الكثير من الوقت لفعل الكثير من الأشياء خارج مَجرَّة الإنترنت التي نسبح فيها بشكلٍ يوميّ، بل لحظيّ.

كنّا نعرفُ أن هذا العالم مليء بالأخطاء، لكن اتضحَ لنا بعد ذلك أنه لا يكفي أن نعلم دون أن نعلم، لا يكفي أن نعلم بوجود الخطأ دون أن نعلم عن كيفية وماهيَّة هذا الخطأ.

كان الكل يتحدَّث، وجاءت وسائل التواصل الاجتماعي كي تُلزِم الكل على الكتابة، ففضحتْ تلك الأخطاء الإملائية واللغوية الفادحة التي كانت مُندَسَّة عن الأنظار، وأوقعتْ أصحابها في حرجٍ كبيرٍ، وعلى الضِفَّة الأخرى، جعلتْ الكثير من الناس يُصدَمون: كيف تصدر مثل هذه الأخطاء من الأخطاء من شخصيات معرفية وثقافية؟ قد يكون بينهم مُعلِّمون متخصِّصون في اللغة العربية، وكذلك كُتَّاب وشُعراء.

الأخطاء الإملائية واللغوية الشائعة كثيرة جدًا، ولعلَّ مِنْ أكثرها شيوعًا إحلال الهاء محلّ التاء المربوطة في آخر الكلمة، والغريب أنْ تجد إحداهنَّ تكتب اسمها أو لقبها منتهيًا بالهاء بدلًا عن التاء المربوطة، فمن غير المقبول أن يخطئ أحد في اسمه أو لقبه، كما أنَّه من غير المقبول أن يخطئ أحد في تخصّصه الذي يزاوله بشكلٍ يومي، فكيف يخطئ مُعلِّم اللغة العربية أخطاء إملائية ولغوية ونحوية في حصصٍ مَدرسيَّة تُسهم في تأسيس النَشْء على أخطاءٍ قد يسيرون عليها طيلة حياتهم.

حتى لا أُحسَبُ على فئة المتحاملين على المُعلِّمين، وجَبَ القول: إنَّ خطورة هذا الأمر ليست مُقتصرة على المدارس وَحَسْب، بل حتى في بعض القطاعات الحكومية أو الخاصَّة الحساسة، فلك أن تتخيّل أن يقع خطأ من هذا النوع في الهوية الوطنية مثلًا أو في صكٍّ رسميَ أو شيكٍ مصرفيّ أو وثيقة تخرّجٍ أو في عقد نُكاحٍ، فإن الإجراءات المُترتِّبة على هذه الأخطاء جسيمة، وقد تُدخل المُتضرّرين منها في إشكالات شرعية وقانونية كالإرث وإثبات النَسَب وإثبات الأهلية وغيرها.

الكثير من القطاعات – لاسيما الحساسة منها التي تقوم على إدخال وحفظ المعلومات – لا تحتاج لمُجرَّد موظفين، بل إلى مُتخصِّصين أكفَّاء في اللغة العربية أو في أكثر من لغة، بالذات إذا نما إلى علمنا أن معالجة الخطأ في هذه القطاعات قد يكون في غاية الصعوبة رغم أن الوقوع فيه في غاية السهولة.

رأي/ رائد البغلي
صحيفة الرأي السعودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *