الرئيسية / مقالات / هل الحزن الكربلائي يطرد السعادة

هل الحزن الكربلائي يطرد السعادة

إذا كان المحزون مستغرقاً في أحزانه إلى حد يصعب عليه التوقف عن الحزن، حينها، يكون حزنه طريقاً لتعاسته. أما إذا كان حزنه متوازناً وطبيعياً وبحجم المصيبة أو الابتلاء، حينها، قد يكون حزنه ممراً للسعادة. فالحزن من محطات الحياة الطبيعية. بلا حزن لا تكون الحياة. فمن طبيعة حياة البشر وجود ما يُفضي للحزن كوقوع الموت والمصائب، المرض والمعاناة، الفقر والفاقة، البطالة والعوز، الفراق والطلاق، فقد الممتلكات الضرورية أو الثمينة، والأسباب المفضية لكل ذلك كثيرة، ربما سببها الإنسان نفسه، أو الآخرين، أو تقلبات الطبيعة وتبدل أحوال الأمم والمجتمعات. وبالتالي يستصحب الحزن معه لوازمه من الألم والبكاء وانقباض القلب والشجى والدموع والتعرق وارتفاع منسوب عمل جميع الحواس الظاهرة والباطنة. وكل هذه العلامات نجدها مرافقة لأحزاننا الكربلائية.

لعل المساحة ما بين تحول الحزن إلى ممرٍ للسعادة أو مَعبرٍ للتعاسة هي قدرة الإنسان على تفهم وتحمل معنى الحزن ودوره في الحياة من جهة، ومن ناحية اخرى فهمه أو عدم فهمه كون الحزن مجرد محطة في حياة السعداء، هو من فروع الحياة الطارئة، فهو ليس الأصل في الحياة. أما طول وعمق الحزن لدى المحزون فيعود إلى مستوى تعلقه بما فقد. ومما قاله يعقوب بن إسحاق الكندي في كتاب “دفع الأحزان” في أن طبيعة البشر أنهم غير محزونين، وأن الحزن مجرد طارئ عليهم، قال: هم غير محزونين، بل فرحون مغتبطون، وعُلم علماً لا ريب فيه أن الحزن ليس بضروري ولا طبيعي، وإن من حزن من الناس وجلب لنفسه هذا العارض فهو لا محالة سيسلو ويعود إلى حاله الطبيعي، فقد شاهدنا قوماً فقدوا من الأولاد والأعزة والأصدقاء ما اشتد حزنهم عليه ثم لا يلبثون أن يعودوا إلى حالة المسرة والضحك والغبطة ويصيرون إلى حال من لم يحزن قط…وأن الحزن هو مرض عارض يجري مجرى سائر الردائات…*1.

فمدى الحزن وعمقه مشروطان بعوامل كثيرة، منها ما هو شخصي، ظرفي، مكاني، زماني، بيئي، واجتماعي. ولهذا يختلف ويتباين مستوى المدى والعمق من شخص لآخر. فلو مات إنسانٌ وله عشرة أخوة أشقاء، سوف يظهر مدى حزنهم وعمقه في عشر صور مختلفة عن بعضها. فالحزن شعور قوي وطويل الأمد جداً، وقد وجد في إحدى الدراسات أن الحزن يدوم لمرات أكثر من أي شعور زائل مثل الخوف والغضب: في حين بقي الخوف في معدل ثلاثين دقيقة، غالباً كان يبقى الحزن لمدة تصل إلى مئة وعشرين ساعة، أو خمسة أيام تقريباً.*
هذه الأحزان الطبيعية في طريق الحياة، رغم قساوتها، تحتاج منا أن نتفهمها لكي لا تكون أبواباً لتعاستنا، وإنما تكون ممرات لسعادتنا. حتى الحزن الكربلائي له مدى وعمق ليكون ممراً طبيعياً في حياتنا. فهل نعي ذلك؟

في المقاطع المرفقة القصيرة جداً ما يفيد الفكرة ويقويها
فوائد الحزن

https://youtu.be/4dnuOYjiWVI

Watch “فوائد الحزن | ahmed saber” on YouTube
https://youtu.be/ImshUtnrW1Y

Watch “معنى الحزن الحقيقي 💔” on YouTube
https://youtu.be/HFZ_eqI77LA

*1 مقالات فلسفية ص 116
*2كتاب البهجة ص 136

مع خالص تحياتي
أخوكم كاظم الشبيب ابو احمد
١٣/ ٩/ ٢٠١٩

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *