الرئيسية / مقالات / هل نحن سعداء بما نمتلك من أفكار؟ 

هل نحن سعداء بما نمتلك من أفكار؟ 

هنا، لا يمكن الإجابة بنعم أو لا. لأن في ذلك إجحاف كبير بالتراتبية المنطقية للسؤال. في البدء نقول: تتشكل مواقفنا بناء على أفكارنا. لماذا أحببنا أمور وكرهنا أخرى؟ لماذا أيدنا رأياً وعارضنا آخر؟ لماذا نميل لألوان معينة ولا نميل للألوان الأخرى؟ لا شك بأننا لم نتخذ هذه المواقف اعتباطاً. هذه المواقف وليدة ما نحن عليه اليوم من قناعات ووجهات نظر. تشكلت من خلال تجاربنا وثقافتنا. انعجنت بتجاربنا اللذيذة والمريرة. انرسمت بفرشاة ما تلقيناه عبر التعليم والإعلام والمجتمع والأسرة. فأصبح لنا رأي في فلان وعلان. ورأي في المجتمع الفلاني والمجتمع العلاني. بل حتى طريقة تفكيرنا وليدة لكل ما سبق، ومتآثرة به. كيف أستنتج عندما أفكر؟، كيف أحلل؟، كيف أربط بين الأمور؟، كيف أقرر؟ وكيف أفكر منطقياً؟

ربما، ومن خلال قراءة أفكارنا، نكتشف أن مصدر الإشكال في أفكارنا هو الطريقة التي نفكر فيها، فهي التي تُنتج أفكاراً من هذا النمط السلبي فنكون تعساء، أو ذاك النمط الإيجابي فنكون سعداء. نحن هنا نفكر، وبالتالي نختلف عن المِرآة التي لا تفكر، ولاتشعر، ولها مهمة محددة،  فالمِرآة: ما يرى الناظر فيها نفسه، وهي آلة من بلور أو غيره ينظر فيها الإنسان ليرى نفسه. بينما نحن لدينا تنوع في طرق التفكير. فالبعض مثلاً يفكر بطريقة التمسك بالتحيز لأمر ما، حيث يتضمن ذلك القبول بالمعلومات والبيانات التي تدعم وتؤكد المعتقدات الذاتية. والبعض يفكر بطريقة التمسك بفكرة الحصول على كل شيء أو لا شيء، حيث تركز هذه الطريقة على النظر للأمور والأحداث باللونين الأبيض والأسود فقط، أي عدم القبول بالمرونة. أو بعضهم يفكر بطريقة الإفراط في التعميم، حيث يؤكد هذا الإتجاه على رؤية واحدة والتعامل معها كحالة دائمة عامة.  فطريقة التفكير هي أحد أسباب اختلاف وتنوع رؤية الناس لحدث ما، أو موضوع ما، أوجهة ما، وبالتالي تختلف مواقفهم منها.

كلما أدركنا أنواع وطرق التفكير، تمكنا من إدراك مسببات إتخاذ هؤلاء هذا الموقف فباتوا تعساء ومخالفين لأولئك الذين أمسوا سعداء. فلكل طريقة تفكير نتائج مؤثرة على سعادة الناس أو تعاستهم. من تلك الطرق: التفكير السياسي، التفكير المصلحي، التفكير المستنير، التفكير العميق، التفكير الارستقراطي، التفكير القيمي، التفكير البديهي، التفكير التشاؤمي، التفكير العاطفي، التفكير المنطقي، التفكير الرياضي، التفكير البيروقراطي، التفكير الناقد، التفكير التفاؤلي، التفكير العلمي، التفكير الأبوي، التفكير الإبداعي… إلخ.

التفكير الصحيح يُشعر المرء بالرضا عن الذات، ومن ثم الشعور بالسعادة، والعكس بالعكس أيضاً كالمبالغة في تصوير الأمور بتكبيرها أو تصغيرها، المثالية في قراءة الأمور، أو الواقعية التشاؤمية. لذلك يشير البعض إلى مجموعة متنوعة من النصائح لتغيير طريقة التفكير عند الفرد، منها: سيطر على ردود فعلك التلقائية، إعادة صياغة أفكارك، لا تصدق كل ما يقوله العقل، التخلي عن الخوف، ابحث عن التغيرات في مزاجك، فكلما ساءت طريقة تفكيرنا فإننا لن نحصد إلا التعب، أو كما يقول المثل الدنماركي “من يصطاد بواسطة الهرة يلتقط الفئران”. وتتمة الموضوع الجمعة القادمة بإذن الله تعالى. 

في المقطع المرفق إضاءة قصيرة تخدم الموضوع من زاوية جيدة

“مقارنة بين تفكير الناجح وتفكير الفاشل” للمشاهدة أضغط هنا

 

الكاتب الأستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *