الرئيسية / مقالات / متعة السعادة بين التنوع والتدرج

متعة السعادة بين التنوع والتدرج

في طريق السعادة لا بد لنا من التأكيد على أهمية أن نعيش السعادة طوال ساعات وأيام وسنوات الطريق إليها. بمعنى عدم الإنشغال أو التشاغل بموضوع البحث عن السعادة كهدف نسعى إليه مع فقداننا لعيش سعادة أيامنا وساعاتنا الحاضرة بحجة البحث عن السعادة. فمن الأبحاث التي يتناولها المختصون بعلم السعادة، وكذلك الفلاسفة من القدماء والمعاصرين، النقاش الدائم حول مسألة البحث عن السعادة: هل نذهب للسعادة ونبحث عنها أم أن السعادة تبحث عنا وتأتي إلينا؟، هل نطاردها أم ننتظرها؟. ويميل أغلبهم إلى أن السعادة ينبغي السعي لها دون جعلها هدفاً ومادةً نقوم بالبحث عنها. وربما يسهم وصف الكاتب الأمريكي “هنري ديفيد ثورو” لهذه الحالة في تلخيص الصورة، إذ يقول في كلام ينسب إليه، حيث فتح الباب لمزيد من السعادة: إن السعادة مثل فراشة كلما قمت بمطاردتها، راوغتك أكثر، ولكن إذا قمت بتحويل انتباهك إلى أمور أخرى فسوف تأتي وتجلس بهدوء على كتفك. السعادة يمكن أيضاً وصف إحدى صورها بلحظات من الطقس الجميل الذي ينعشك، ويدخل السرور طعلى نفسك. فعندما تأتي إليك نسمات من الهواء العليل وتشرح صدرك: هل خرجت من الدار لتلتقيها؟ أم أتتك وأنت لم تتوقعها؟.

من جماليات طريق السعادة والبحث عنها، وهي كثيرة جداً ومتنوعة، كاللذة، المتعة، الراحة، إنتهاء الألم، الفرح، السرور، والغبطة…إلخ، من جمالياته، أن المرء كلما وصل لجزء منها يطلب أمرين: الأول: استمرار حالة السعادة التي وصل إليها جزئياً. والثاني: المزيد من السعادة عبر أجزاء أخرى من السعادة. فعندما يفرح المرء في لحظة من الفخر بحصوله على شهادة علمية، يتمنى استمرار تلك الفرحة، وفي الوقت ذاته يتمنى أفراح ومسرات أخرى. وربما هذا مما أشار إليه قول الفيلسوف اليوناني أرسطو: إننا نبحث عن السعادة دائماً، لذاتها، وليس من أجل غاية أخرى. فبالنسبة لأنواع الشرف، واللذة، والتفكير، وغيرها من الأشياء القيمة، فنحن لا نكتفي بالبحث عن تحقيقها في ذاتها – لأنه حتى ولو كانت هي القصد النهائي، فإننا سنريد المزيد منها- بل نبحث عنها من أجل بلوغ السعادة، لأننا نتصور أن بواسطتها فقط يمكن بلوغها”.

عندما نحث الخطى في طي المسافات في طريق البحث عن السعادة، كما هي في طرق التنقل بين الأماكن بالسيارة، لا يمكن الاستعجال لقطع المسافات إلا ضمن المعادلات الطبيعية، فلكل مسافة وقت وجهد لا بد من بذلهما لقطعها. فللحصول على أي جزء من السعادة  لا بد لمعادلات الطبيعة أن تأخذ مجراها وفق متطلبات كل جزء، متطلبات من قبيل الوقت، المال، والجهد. فالمرأة الحامل كي تفرح وتدخل أجواء السعادة بمولودها الجديد لا بد لها من فترة الحمل اللازمة، أي التسعة أشهر، بعض من التعب فترة الحمل، آلام المخاض والولادة، بعدها تكون أسعد امرأة في الدنيا في اللحظة الأولى عند احتضانها لمولودها. لن تستفيد المرأة الحامل من محاولات الاستعجال كي تلد، لا بد من الصبر على تدرج نمو الجنين، هذا التدرج يصنع كيمياء من التآلف بينها وبين جنينها مما يجعل قيمة السعادة عالية في اللحظة الأولى لاحتضانها له.
لا بد من التنوع والتدرج والصبر في طريق السعادة لكي نعيش متعة السعادة…

في المقطع المرفق بعض النقاط المفيدة للموضوع مع التحفظ على بعض مما فيه
“هو طريق «السعادة» منين ؟ اخر الشارع يمين !!” للمشاهدة اضغط هنا

الكاتب الأستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *