الرئيسية / Uncategorized / أديان السعادة

أديان السعادة

تدعوا جميع الأديان أتباعها للسعادة. بل لا تدعوا أتباعها لإسعاد أنفسهم فحسب، وإنما العمل على إسعاد غيرهم وإن كانوا ليس من أهل دينهم وأمتهم، أي، وإن كانوا أتباع أديان أخرى، وأكثر من ذلك: أن يتمنى كل تابع السعادة لجميع الناس بغض النظر عن طبيعة دينهم أو مذهبهم أو لون بشرتهم أو جنسهم وعرقهم. فالسعادة، في الأصل، غاية إنسانية قبل أن تكون غاية دينية، وجاءت الأديان لتـثـبيـتها وتأصيلها، بل وضعت مجموعة من النظم والتعليمات لتكريسها في النفوس والمجتمعات. ونشير في هذا المقال، رغم مساحته الضيقة، لبعض من ذلك.

في الدين الإسلامي الكثير من الآيات الدالة على السعادة، بعناوين مختلفة، منها ما سماه القرآن بالحياة الطيبة. في قوله تعالى: “من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”. وقوله في سورة الروم: “ويومئذ يفرح المؤمنون”. وهذا لا يناقض قوله ” إن الله لا يحب الفرحين” حيث الآية نزلت في قارون وسياق الآية كالتالي، “إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين” والمعنى واضح أن أهله نصحوه بألا يغتر بقوته وثرائه، والفرح هنا فرح بالمال والنفوذ مع ظلمه لا أكثر. وقد ذُكر الفرح ومشتقاته أكثر من 20 مرة في القرآن كلها بنفس معنى الخطاب الموجه لقارون، أي ياأيها الناس لا تفرحوا بقوتكم وبما أتاكم الله، أي لا تغتروا. وفي الدعاء المأثور: “إن كنت عندك في أم الكتاب شقياً فاجعلني سعيدا”…

أما في الدين اليهودي، فقد جاء في المزامير100:2 “اعبدوا الرب بفرح ادخلوا إلى حضرته بترنُّم”. وجاء في سفر الجامعة 1-2:2 “قلت أنا في نفسي: «هلم أمتحنك بالفرح فترى خيراً”. سفر الجامعة، وقد ورد أن الأعراف عند اليهود أن يعلقوا لافتة في منازلهم مكتوب عليها “عندما يأتي آذار، تتعاظم السعادة”. تعتبر السعادة عنصراً أساسياً في أداء الطقوس اليهودية وفقًا لموسى بن ميمون، حيث حكم في “مشناه التوراة” بأن أداء جميع الوصايا يجب أن يترافق بفيض من الفرح”، الفرح الذي يشعر به الشخص بأداء الوصايا وبمحبة الله الذي أمر بها هو بحد ذاته خدمة [إلهية] عظيمة”. مشناه توراة، سفر الأوقات- شرائع السعف 15:8.

وعند المسيحيين نجد ذلك في ما جاء في مرقس17:13و41:10 “افرَحوا وابْتَهِجوا: إِنَّ أَجرَكم في السَّمَواتِ عظيم”. وجاء في إنجيل لوقا 10:12 “فقال لهم الملاك: “لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب”. كما جاء في يوحنا 11:15: “كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم”. وقد ورد في رومية 17:14: “لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس”. كما أتى أيضاً في المزامير6:21: “لأنك جعلته بركات إلى الأبد، تفرحه ابتهاجاً أمامك.

وعند البوذيين؟ كدين وضعي، نجد مساحة كبيرة للسعادة في صلواتهم وتأملاتهم. وقد جاء في نص تيبتي مشهور يخاطبون فيه الخالق: “باركني كي يكون في وسعي أن أبتهج لسعادة الآخرين”. وهنا توجيه خاص عندهم للتأمل والتفكير وتهيئة النفس للسعادة عندما تنزل على الإنسان أي نوع من المعاناة في الحياة، جاء فيه:في حال هناك شيء يُمكن فعله حيال الأمر،ما الداعي إلى الاكتئاب؟، وفي حال لم يكن هناك شيء يُمكن فعله، ما الفائدة من أن تكون مكتئباً؟”.

وفي المقطع المرفق قيمة من القيم السامية، التي دعت إليها جميع الديانات والثقافات والحضارات، قيمة التوازن بين مجموعة من أسس الحياة كالأسرة والصداقة والعمل والقيم العظيمة كالحب والوفاء والاحترام….

كيف حدث هذا؟ / ترجمة: محمد كاظم مجيّد – عن الفرنسية للمشاهدة اضغط هنا

الأستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *