الرئيسية / مقالات / هل يسعدك تدينك أم يتعسك؟

هل يسعدك تدينك أم يتعسك؟

يقر أغلب فلاسفة السعادة بأن رسالة كل الديانات السماوية والأرضية هي إيصال الإنسان للسعادة. من هذا المنطلق يمكننا القول: إن التدين الذي يعيق المرء عن التناغم مع نفسه، أو يمنعه عن الانسجام مع متطلباته الذهنية أو يتنافر مع حاجاته النفسية والروحية والبدنية هو تدين غير صحيح… هو تدين بحاجة إلى إعادة “فرمته” ليكون الإنسان متناغما ما بين تدينه ودينه، وبالتالي يأتي التناغم بين تدين المرء ونفسه… حينها سيشعر المرء بالسعادة التي أرادها الدين له… هو تناغم شبيه بالتناغم بين أعضاء جسم الإنسان المختلفة…

من أسوء ما تعرضت له الديانات، المذاهب، الفلسفات، المعتقدات، تعرضها للتشويه، التحريف والتبديل، التسلط والهيمنة، الترفيع والتنزيل، الإدخال والإخراج، التمطيط والتمييع، التلميع والتزويق، النفي والتأكيد… إلخ وغيرها من تلك المفردات المسيئة لتاريخ وحضارات ورسالات الأمم… وبالتالي لا غرابة، في هذا العصر، أن يرتفع صوت المشككين في الديانات كلها… بل يعمد المشككون إلى نفي السعادة عن كونها من أهداف الدين الأساسية…

لذلك فإن ميزان المرء لقياس صحة تدينه هو التناغم ما بين تدينه هو مع نفسه هو، بحيث يشعر بالراحة والارتياح، الإقبال على الحياة والانسجام معها، الإقبال على كل الناس دون تمييز أو تصنيف، تلاؤم مع الأسرة ووئام مع المجتمع والوطن، احساس بالحرية، البساطة، تقبل تقلبات الزمن،…إلخ… هكذا تدين يفضي للسعادة لتناغمه مع فطرة الإنسان … بينما تدين التعاسة الذي يتنافى مع الطبيعة البشرية هو ما يجد المرء نفسه فيه ضيق الصدر، نافر من الحياة، عنده دائرة ضيقة من عامة الناس المفضلين لديه، الشدة، التكبر،.. إلخ… هذه بعض الفروق المتولدة من التناغم في تدين السعادة أو التنافر في تدين التعاسة…

من جمال الخلق هو هذا التناغم المشهود في الكون الفسيح للخالق وما يسبح فيه من كواكب وأجرام… بل التناغم في كل مخلوق في باطن البحر أم في أعالي السماء… تناغم فيزيائي وميكانيكي ورياضي فائق الدقة بين السرعة والبطئ… من كل ذلك ربما يستفيد بعضنا في إعادة “فرمتة” تدينه ليكون اكثر تناغما وسعادة في الحياة، تناغم مع أسرته، تناغم مع مجتمعه، تناغم مع الشجر والحجر والوبر، والأهم أن يتناغم المرء مع نفسه كي يستطيع التناغم مع محيطه كله….

تناغم النفس والروح والجسد .. #بالعكس لمشاهدة المقطع (هنـــا)

التناغم الفيزيائى فى اروع صوره (فيديو مريح نفسيا) لمشاهدة المقطع (هنـــا)

الكاتب الأستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *