الرئيسية / مقالات / «القرار»

«القرار»

دوامُ الحال من المُحال، ورضا الناس غايةٌ لا تُدرَك. عندما تجلس مع الأعزب فإنه يُحزِنك بشكواه من الوحدة ورغبته المُلحَّة في الزواج، وعندما تَركن إلى المتزوج فإنه يثقلك بأعبائه الزوجية ويملؤك بشوقه للحرية.

 الأعزب يريد أن يدخل «القفص الذهبي» من أوسع الأبواب، والمتزوج يريد أن يهرب من «السجن الأبدي» من أصغر ثقب، الأعزب يُعرِّف الزواج بأنه استقرار وإكمال لنصف الدين، والمُتزوِّج يُعرِّفه على أنه شرٌ لابُد منه، حتى في الوصف يختلف الواصف والموصوف، وكلٌ يقرأ من زاويته.

عندما يكون الفرد في مجتمعنا مؤمنًا أنّ شريكته التي ستقاسمه عمره كله ستكون مهيأةً أيضًا لمقاسمته فكره واهتمامه كله، فإنه سيعيش حياةً مليئةً بالبهجةِ والحبورِ.

ففي ظل الفوارق الفكرية والاجتماعية والسلوكية والأخلاقية تنتج الانقسامات التي قد تُفضي في نهاية الأمر إلى الطلاق، ولا نستطيع حصر مُسبِّباته في الرجال وحدهم، فمثلما هناك رجالٌ سيئون هناك نساءٌ سيئات، ومثلما هناك زوجات صبرن على أزواجهن، هناك أيضًا أزواج صبروا على زوجاتهم. فلا تصوِّروا كل الرجال على أنهم «وحوش كاسرة» ولا تصوروا كل النساء على أنَّهن «ملائكة الرحمة».

قد يستشهد البعض بديمومة أيّ زواجٍ لسنواتٍ طِوالٍ ويعتبرها معيارًا لنجاحه، لكن –واقعًا- ديمومة أي زواج ليست بالضرورة مقياسًا لذلك، فهناك فرقٌ شاسعٌ بين السعادةِ والتضحية. السعادة أنْ تكسب، والتضحية أنْ تخسر، حتى لو كانت خسارة بإرادةٍ أو متعة، أنت في النهاية تخسر.

هناك ذرائع كثيرة تدفع بالزوج أو الزوجة للتضحية الجسيمة حتى يستمر دوران عجلة الحياة، حتى لو كان على حسابهما أو حساب أحدهما، المهم أن تدور للحفاظ على مصلحة غيرهما.

ينصح الكثير من الأزواج والزوجات القدامى نصيحةً ذهبيةً: “حتى تعيش بسعادة، تعلَّم مهارة عظيمة في حياتك، هي حقًا مهارة لأن الكثير لا يجيدونها، وهي مهارة التجاوز، واذهب باهتمامك لتطوير ذاتك وهواياتك واترك فُسحةً كافيةً للطرف الآخر للتعبير عن ذاته بحريَّة وجَلاء، عَلَّك تكتشف مساحات خضراء في داخله”، عزيزي الزوج، عزيزتي الزوجة، التسامح والحب صِنوان مُتلازمان لا ينفكَّان أبدًا، فتجد المُحِب مُتسامحًا غافرًا للزلَّات، وتجد المُتسامح قلبه عامرًا بالحُب، خاويًا من البُغض.

رأي الكاتب الاستاذ: رائد البغلي

صحيفة الرأي السعودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *