الرئيسية / منوعات / أحسن الظن تقي نفسك الألم

أحسن الظن تقي نفسك الألم

الظّن وما أدراك ما الظّن!!! لعلّ الكلمة وحدها تكون كافية لأن تشرح نفسها بنفسها، فهي كلمة تختصر علينا الكثير لفهمها ومغزاها رغم أنّها تحمل المعنى ذاته سواء كان حسنًا أو سوءًا.
ما يهمّنا هو أنّ الكلمة نفسها بحاجة إلى تجسيد حقيقي داخل أنفسنا لنفهم أبعادها الحقيقية سواء كانت إيجابًا أو سلبًا؛ حُسْن الظّن وسوء الظّن.
وقبل أن نسترسل في المقالة دعونا نفهم الفرق بين الظّن والشك.
الظّن هو أن يغلب أحد طرفي الحكم على الآخر حتى وإن كان الرجحان ضعيفاً؛ كأن يحكم الفرد على أمر ما (بالأرقام) بنسبة 60-70%، ولا يُقبل الظّن في الإسلام في أمور الإعتقاد الأساسية، مثل: الإيمان بالله تعالى، وبرسله، وباليوم الآخر، وبالحساب والعقاب، والجنة والنار، ويقال أنّ الظّن يعبّر عن قوة معنى الشيء في النفس دون أن تصل إلى الثقة الثابتة.
الشك هو أن يجتمع شيئان في عقل المرء، وهو أن يتساوى طرفا الحكم، فلا يغلب أحدهما الآخر ويكون رجحانهما متساوياً، وبالتالي لا توجد نتيجة للحكم إيجاباً أو سلباً؛ كأن يُحكَم على كل طرف بنسبة 50%، وكما يقال أنّ الظنّ هو توقّف الإنسان بين النفي والإثبات في الحكم.
بعد هذه المقدّمة، ألا يحق لنا أن نتساءل عن مواقفنا التي تأخذنا نحو الظّن تارة ونحو الشك تارة أخرى؟ كم من الأحداث التي نُقلت عبر الزمن وتحوّلت لدى الكثير إلى حقيقة في نظر البعض رغم أنّ الحدث لم يحدث إطلاقًا وذلك بسبب تداول الحدث من جيل إلى آخر عبر الظّن الذي لا يقف عند الحقيقة وخصوصاً تلك الأحداث التي تتصل بالبشر حيث أنّ بداية الحدث كان مجرد إشاعة مغرضة ولا تمت إلى الواقع بصلة.
يقول سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”. ويقول في آية أخرى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ”.
إذاً، فمهما كان وقع الحدث عظيماً على مسامعك، لابد لك من التأكد من وقوعه وإذا ما أخبرك الشخص بنفيه للحدث فعليك تصديقه اجتناباً للوقوع في الإثم.
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: “لا تظنّنّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً، وأنت تجد لها في الخير محتملا”، وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: “إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذراً واحداً إلى سبعين عذراً.. فإن أصبته وإلاّ قل: لعلّ له عذراً لا أعرفه”.
قد تعيش حياة مليئة بالخير والسعادة وإذا بك تنسفه في لحظة بالظّن أو الشك في أمر ليس له واقع فتأثم وتضطرب حياتك. عش حياتك بواقعية ولا تجعل الظّن السيء ملاذاً لك أو عذراً يحول بينك وبين التعايش السلمي والواقعي.

محمد يوسف آل مال الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *