الرئيسية / مقالات / أين تجد سعادتك؟

أين تجد سعادتك؟

يظن المهموم بالفقر بأن سعادته في الغنى… ويظن المبتلى بعاهة في جسده بأن سعادته في زوالها… ويظن المغموم بمرضه بأن في معافاته وصحته كل السعادة… ويعتقد العاشق بأن ذروة السعادة في الإجتماع بمعشوقه… وقمة السعادة عند السجين المكروب في حريته… والإنسان الصالح يرى السعادة مجتمعة في حب الخير للناس والعمل الصالح… ويؤمن الذليل المهان بأن سعادته تأتي عندما يكون صاحب سلطة… ويظن الطالب بأن سعادته في النجاح… والخريج في الوظيفة، والرياضي في الفوز…الخ… وكل شخص، بلا شك سيكون سعيدا بما يشبع به نقصه أو حاجته…

لا شك بأن كل أولئك سعداء بما يحصلون، بل حتى الظالم أو الفاسق يسعد بما يفعل أو يحصل وقد سعى إليه حيث ظن أن فيه ذسعادته، وكل امرؤ يحسب أنه يحسن صنعا، وكل فريق بما لديهم فرحون…ولكن هناك فوارق في كيفية وصول كل شخص للإقتناع بأن في ما يأمل تكمن سعادته الفعلية… بعضهم مبعثه المعاناة والألم كالمريض وصاحب العاهة والسجين والفقير، ومبعث بعضهم حب الشهرة أو الرغبة في التفوق، وبعض آخر مبعثهم سد نقص في نفسه أو في حياته، وبعض أخير مبعثهم هو القناعة الفكرية والنفسية في كون سعادته في هذا الأمر أو ذاك…

كل الصور المذكورة في فقرتنا الأولى لتصور السعادة عند مختلف الناس هي بالفعل صور لأنواع من السعادات التي تنبعث من حاجات أصحابها أكثر من كونها سعادة حقيقية ومتكاملة… والآراء هنا مختلفة، أو كما يقول أرسطو: “ليس هناك اتفاق قط حول طبيعة هذه السعادة، ذلك أن تفسيرات الحكماء والجمهور على طرفي نقيض”*”….

فكل شخص، في الأمثلة المذكورة، وبعد أن يسعد بما لقى أو وجد أو حصل له، سوف ينتشي، ينتعش، يفرح، ينشرح، ولكن سيكون لهذا الانتشاء أمد محدود، ساعات، أيام، أسابيع، ربما.. ثم ماذا؟؟…هل سيكون في البحث عن نقص آخر والعمل على سده والشبع منه هو السعادة وبالتالي القيام بتكرار هذه الدورة طوال الحياة كي يسعد الإنسان … بالطبع لا… فوفق تحقق السعادة بتحقق حاجات الإنسان هو أمر لا يمكن الوصول إليه، لأن حاجاته متنوعة ومتطلباته غير متوقفة، لذا هل يصبح تعيسا بعدم تحققها؟؟!!… فللجسد حاجات، وللشهوة متطلبات، وللقلب رغبات، وكذلك للروح حاجات، وللعقل مطالب، وللنفس آمال وأمنيات…. فهل يمكن قبول وتقبل التعاسة لعدم تحقق تلك المطالب؟؟؟؟!!!!…

لذا تكمن السعادة الحقيقية في رضا النفس وقناعتها بما لديها بغض النظر أتحققت تلك المطالب أم لا… السعادة في الراحة النفسية والاستقرار العاطفي والأمان الاجتماعي بغض النظر تم إنجاز تلك الحاجات أم لا… السعادة في القدرة على التكيف مع الواقع القائم، والرضا عن الذات… الخ

في المقطع المرفق إيضاح لفكرة المقال بشكل مباشر في زاوية منه، وبشكل غير مباشر من زاوية أخرى

كيف تحقق النجاح والسعادة والرضا في الحياة | غاري فاينرتشوك & Gary Vaynerchuk (مترجم) لمشاهدة المقطع اضغط (هنا)

* السعادة، دفاتر فلسفية، نصوص مختارة، ص ١٦، إعداد وترجمة محمد الهلالي وعزيز لزرق، دار توبقال للنشر

الكاتب الاستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *