الرئيسية / منوعات / كم عمرك؟

كم عمرك؟

سؤال سهل والإجابة عليه أمر بديهي ولا يحتاج إلى آلة حاسبة للحصول على الجواب، غير أنّ الجواب الحقيقي لا يمكن الحصول عليه بأية آلة حاسبة وإنما يحتاج إلى عقل راجح وقلب سليم. كيف ذلك؟
دعني أخبرك بقصة وإن كانت من رسم الخيال أو لمجرد نكتة إلاّ أنّها تحوي المراد وتجيب على ما نصبو له لإجابة هذا السؤال. تقول القصة… أنّ رجلاً اسمه “جبر” كان يعيش ضائقة مالية ولا يملك وظيفة يقتات منها، فقرر أن يترك مدينته فتوجه إلى مدينة أخرى. وصل تلك المدينة وكان يوجد في مدخلها مقبرة بلا سور فمرّ بين القبور وصار يقرأ أعمار أصحابها فكان أصغرها يوماً وأكبرها سنتين .تساءل؛ هل توجد مقبرة للصغار وأخرى للكبار؟ وبينما هو على هذه الحال إذ مرّ بجانبه رجل كبير في السن فسأله: هل لديكم مقبرتين في هذه المدينة؟
أجابه الرجل: لا، بل واحدة. لِمَ تسأل؟ فردّ عليه جبر: لقد لفت انتباهي أنّ أكبر عمر لهؤلاء الموتى سنتان. ضحك الرجل وقال: هذه الأعمار التي رأيتها على نياشين القبور إنّما تعني فقط العمر السعيد الذي عاشه صاحب القبر. فتح جبر عينيه وقال: إذاً، أنا أوصيك إذا مت فاكتبوا على قبري… “هذا قبر جبر، من بطن أمّه للقبر”.
العبرة من هذه القصة أو الطرفة كما تود أن تطلق عليها بأنّ السعادة ليست مستدامة أو أبدية وإنّما فترتها الزمنية قصيرة جداً، فعمرك مقروناً بمدى السعادة التي تختلجك وتحديد مدتها يعتمد على ما تقدّمه خلال تلك المدة.
السعادة ليست مقيدة بالمال والجاه، بل هي الشعور بالراحة التامة وذلك من خلال تحقيق أهدافك الحياتية التي تعكس مدى عطائك في الحياة لنفسك ولأهلك ولمجتمعك ولوطنك والرضا بما تقدّم وتصنع من أمور خدمية.
كلّما كان عطاؤك كبيراً ونجاحاتك كبيرة فإنّ شعورك بالسعادة يزداد، ما يزيد في عمرك الحقيقي وليس الرقمي.
عمرك الحقيقي يتأتى من خلال أعمالك وإنجازاتك وعطاءاتك وليس ثمة عمل أفضل من خدمة أهلك ومجتمعك ورضا ربك ونفسك، فبادر في زيادة عمرك ولا تجعله كعمر جبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *