الرئيسية / المجتمع / العالِمُ العامِل

العالِمُ العامِل

 

بقلم الأستاذ: محمد يوسف آل مال الله

بداية أود أن أُلفِتَ نظر القارئ الكريم إلى أنّ المقصود بـ “العالِم” هنا هو ذلك الإنسان الذي يحوي بين جنبيه علماً بغض النظر عن نوعه، فقد يكون علماً دينياً أو رياضياً أو فيزيائياً أو أي عِلْمٍ آخر.

فمن المعروف أن كل عالم مهما كان نوع علمه عليه أن يُظهره للناس وإلاّ أصبح علماً خاوياً لا فائدة فيه، ولذا يجب على كل عالِمٍ أن يفيد بعلمه البشرية حتى يكون زكاة له، فزكاة العلم تعليمه، أو يظهره بما ينفع الناس.

هناك الكثير من العلماء ممن أثروا البشرية بعلومهم وأخرجوا الناس من غياهب الظلمات إلى النور فكانوا روّاداً في ذلك ومنهم من نقل مجتمعه من أتون التخلّف إلى عالم الإزدهار والرقي وهناك من أقفل على نفسه ولم يعد له ذكر في العالمين.

قد يجادل البعض في أنّ بعضاً من العلوم دمّرت البشرية ونقلتهم من النور إلى الظلمات وهذا صحيح ولكن يظل الحساب عند الله وهو كفيل بهم لأنه الأعلم بنياتهم. يقول سبحانه وتعالى: “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”.

فقياس العالم ليس بما يحوي جنبه من علم، بل بما يقدم للبشرية ولمجتمعه، بل للعالم أجمع، فهم مؤتمنون على هذا العلم وعليهم تحويله إلى أدوات فاعلة تعمل على ترسيخ المفاهيم والسلوكيات الصحيحة، غير أننا نرى البعض ممن لديهم العلم أقل الناس عطاءً لمجتمعاتهم وخصوصاً المسلمين وكأن العلم لديهم حيازة واقتناء أو مكانة أو وجاهة أو تقليداً لمنصب اجتماعي فقط.

في عالمنا الإسلامي تقع المسؤولية على علماء الدين  في نقل المجتمع وتحصينه وتثقيفه وتحسين سلوكياته وأخلاقياته ورفعه إلى الدرجات العالية وهذا لا يلغي دور الآخرين من العلماء والأساتذة والأطباء والمهندسين والمثقفين، وعلى كل منهم أن يقوم بدوره على أكمل وجه بعيداً عن المصالح الشخصية والأهواء النفسية.

ما يؤلم حقيقة هو أنّ البعض من هؤلاء يرى أنّ على الناس الخضوع والإستسلام والإنحناء لشخصه واحترامه وتقديره وتوقيره لمجرد حصوله على هذا العلم أو ذاك، متجاهلاً أو متغافلاً بأن الجزاء من صنع العمل “وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى”، وعلى كل من لديه علماً أن يعمل بما لديه لتحقيق الغاية من هذا العلم حتى تكتمل وتنشط الحياة وتزدهر المجتمعات ويشعر الناس بحلاوة العلم وأهميته في استقامتهم وسعادتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *