الرئيسية / مقالات / منغصات الحياة لا تعني التعاسة

منغصات الحياة لا تعني التعاسة

كما في الطرق والشوارع يواجه السائقون منغصات تعكر عليهم صفو الطريق، كذلك في طريق السعادة لا بد من منغصات تواجه سالك الطريق. هذه المنغصات على نوعين:

الأول: المنغصات البسيطة، ولكنها مزعجة، مثال: في طريق السائقين يواجهون على سبيل المثال:  المطبات، تصرفات السائقين الآخرين الذين لا يلتزمون بأنظمة المرور والسير، المسرعين في سياقتهم والبطيئين، انعدام الرؤية بسبب الطقس كالضباب أو الغبار الشديد، سوء التبريد أو سوء التدفئة في السيارة. في طريق السعادة هناك أيضاً مجموعة غير قليلة من المنغصات التي يتعرض لها كل الناس تقريباً، منها: الأخبار المزعجة، أقوال وتصرفات الناس السلبيين، تثبيطات الناس المتشائمين، التعثر في سداد الإلتزامات المالية…إلخ

الثاني: المنغصات الكبيرة، التي تسبب للفرد ولمن معه أو حوله معاناة لفترة ما. فيواجه السائقون بعضها مثل: خلل فني كهربائي أو ميكانيكي يؤدي إلى تعطل المركبة نهائياً، فتتوقف الرحلة حتى إشعار آخر، مشاهدة حادث مروع ودامي يؤثر نفسياً على السائق والركاب، وقوع الإنسان نفسه في حادث سير كبير، فتتراوح الأضرار بين المادية والمعنوية أو في الأنفس، لا سمح الله. كذلك الحال في طريق السعادة عند موت إنسان عزيز، أو حصول تعثر في الحياة العملية أو العلمية، وقوع المرء في خسارة مالية، تعرض الشخص لإتهامات وانتقادات تنال شخصه وشخصيته.

احتمالية ورود هذه المنغصات لا يعني إنتفاء السعادة، وإنما يعني تعثرها، تعثر مؤقت، يتراوح مداه بين القصير والطويل. وبالتالي لا يعني هذا التعثر أن مجمل حياة الإنسان تعيسة ومؤلمة. يحتاج المرء أن يؤقلم نفسه لتقبل هذه العثرات كي يُبقي على الخط العام لحياته في سعادة. فطريق السعادة من الطبيعي جداً وجود العثرات فيه. التأقلم والقبول بها هو أشبه بمثال السباح الذي يخوض غمار البحار وأمواجها، فهو لا يتقدم لأنه يفرض إرادته في وجه قوة الموجة أو التيار، وإنما بمواءمة حركته معهما، فيقول: أنزلُ مع الدوامات وأصعدُ مع العواصف. أستجيبُ لحركة الماء، وليس لإرادتي الذاتية. بهذا أنجح في العوم في الماء براحة كبيرة.

منغصات السعادة سواءً كانت بسيطة أم كبيرة هي جزء من حياة البشر في هذه الدنيا الفانية. ولو اعتبرنا الحياة كلها عبارة عن مشوار سفر بين نقطتين، فلنعمل على أن تكون هذه المسافة مليئة بكل ما يدخل على أيامها السرور والفرح والبهجة والسعادة. نمر في هذا السفر بمحطات كثيرة، نقابل مختلف الأطياف من البشر، نمر بتجارب لا حصر لها، نتابع أحداث متتالية، نعايش التطورات العلمية والتقنية، فما أجمل أن تكون رحلتنا ما بين الولادة والوفاة طريق دائم نحو السعادة. فلنعش متعة الطريق، متعة راكب القطار وهو يشاهد المناظر الطبيعة، بغض النظر عن كونها جميلة أم عادية، أو كما قال الفيلسوف يوهان غوته: السفر طويل جدا لولا المتعة في الوصول،  بل عنده، عندما يتبنى رأياً أعمق: بأن الطريق في هذا السفر هو غاية، حيث يقول: لا يسافر المرء لكي يصل، بل لكي يسافر.

في المقطع المرفق ما يسلط الضوء على زاوية من الموضوع

كيف تحارب الأفكار السيئة (قاعدة 90-ثانية) – توني روبنز للمشاهدة اضغط هنا

 

الأستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *