الرئيسية / مقالات / أين أنا من العقل؟

أين أنا من العقل؟

ً

 

جاء في – أمالي الصدوق: عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن العلاء عن محمد، عن الباقر (عليه السلام) قال: لمّا خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبُّ إليَّ منك، ولا أكملك إلاّ فيمن أحب أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أثيب.
من منطلق هذه الرواية تتضح أهمية العقل في كل فعل أو أمر يقوم به الإنسان، ما يعني أنّ كل الأفعال التي تصدر من الإنسان خاضعة لتلك الضابطة وهي العقل. وعليه لابد من معرفتنا لتكليفنا الشرعي، المعرفة الحقيقية وليست المعرفة الإملائية وكأننا أدوات تسجيل أو عميلة نسخ ولصق.
المتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أنّ هناك العديد من الآيات التي تحث على التدبّر والتفكّر والنظر في كل حركة وسكون وفي كل لحظة من الزمن وقياسها بالواقع المعاش حتى يتحرك الإنسان في هذه الدنيا عبر هذه القناة التي هي الضابطة لكل أموره الحياتية، لا أن يعيش على فكر غيره ويتبع الآخرين دون تحقيق، فالثواب والعقاب أمر فردي، لا دخل للآخرين فيه وليسوا كفلاء عنه.
بل أنّ الإتباع الأعمى مذموم بجميع أشكاله. يقول سبحانه وتعالى: “بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ” سورة الزخرف آية ٢٢، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء، آية ٥٢-٥٣ “إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ @ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ”. في المقابل نجد أن القرآن الكريم يحث على التفكّر والتدبّر. يقول سبحانه وتعالى: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ @ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، سورة آل عمران، آية ١٩٠-١٩١.
نأمل أن يكون العقل المركز الأساس في التعامل مع أمور الحياة وأن يظل الضابطة لكل ما نقوم به من أعمال وأمور حياتية في جميع جوانب الحياة وأن لا نعمل على التبعية الهوجاء التي لا تخدم الإنسانية بأي حال من الأحوال.
يجب أن يكون العقل مصدر إلهام لفهم الأمور المحيطة حتى نرقى بعقولنا وأفكارنا إلى أعلى المستويات ما يجعلنا باحثين ومفكّرين يُحتدى بهم عبر الأزمان.

محمد يوسف آل مال الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *