الرئيسية / مقالات / متى أكون محل ثقة الآخرين؟

متى أكون محل ثقة الآخرين؟

بقلم الأستاذ: محمد يوسف مال الله:

يقول الإمام الحسين عليه السلام “أبعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي والمفضّل من أهل بيتي، مسلم ابن عقيل”.
تعتمد الكثير من المعاملات الإنسانية والعملية على الثقة المتبادلة مع الآخرين بغض النظر عن نوع العمل، فقد يكون عملاً بسيطاً وسهلاً وقد يكون عملاً كبيراً وشاقاً، وأمّا مسألة “ثق بي” فإنها لا تكفي لتبرهن للطرف الآخر بأنك محل ثقته، وعليك أن تتبع القول بالفعل، بل أنّ كثيراً من الناس خُذلوا أو وقعوا في مواقف تمنوا أنهم لم يمنحوا ثقتهم لأحد. ومن هنا لابد أن نتأكد من معرفتنا لأنفسنا وهل نحن محل ثقة الآخرين أم أننا نحصل على رضاهم بسبب آخر؟
يذهب علماء النفس إلى أنّ كسب ثقة الآخرين يعتمد على نقطة أساسية وعدة عوامل تكميلية، فهم يرون أنّ النقطة الأساس لكسب ثقة الآخرين هي “الصدق” بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وكما يقول الحكماء “الصدق نجاة”، كما أنّه تقوى وفريضة، وأمّا العوامل التكميلية فهي تلك السلوكيات المصاحبة للصدق كالشفافية والوضوح والصراحة والأمانة والتعقل.
فمن العلامات التي يتطلع إليها الآخرون فيك لكسب ثقتهم هي متابعتهم لتصرفاتك ورؤيتك لنفسك والشعور بذاتك وكيف ترى حالك ومستقبلك وكيف تتصرف في الأمور الشخصية والمواقف الحياتية المختلفة وما مدى تواضعك مقارنة بدرجة الغرور التي قد يراك الناس عليها. كما أنّ الآخرين يهتمون بمدى محافظتك على وعودك والإلتزام بها قولاً وفعلاً، حيث أنّ الكذب وممارسته يجعل الآخرين ينفّرون منك، بل يشمئزون من الحديث معك ويحاولون الابتعاد عنك بقدر المستطاع.
أمر آخر مهم نابع من الصدق هو التعامل مع الآخرين بشفافية. فالسرية والكتمان من أكبر الحواجز أمام بناء الثقة. ليس هناك أدنى شك في أنّه توجد أمور يتوجب علينا إبقاءها سرية في بعض الأوقات وفي بعض الأمور، إلا أنّ هناك وسائل تستطيع من خلالها توضيح ممارساتك، دون الكشف عن المعلومات السرية أو الخاصة.
قد ترتكب خطأ ما، يمكن له أن يُفقدك ثقة الآخرين بك، ولكن  عليك أن تتحمّل المسؤولية، وغالباً ما يكون الناس متسامحين تجاه خطأ ما إذا أظهرت لهم حسن نيتك وتحمّلك للمسؤولية واستعدادك لتصحيحه، وعليك أن تتصرف بسرعة لتصحيح ذلك الخطأ، فعند القيام بذلك بوضوح وشفافية، فإنّ ذلك سيكون مدعاةً لدعم وتعزيز الثقة بينك وبين الآخرين، ولا شك أنّ هذا الأمر يتطلب جهداً متواصلاً للمحافظة على تلك الثقة المكتسبة، فالأمر يستحق كل ذلك العناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *