الرئيسية / مقالات / ليلة القدر: الأستاذ حسن يوسف مال الله

ليلة القدر: الأستاذ حسن يوسف مال الله

ليلة القدر

نحمد الله ونشكره سبحانه وتعالى ونحمده أن وفقنا لإحياء هذه الليلة الشريفة ، فهذه من أكبر النعم التي تفضل بها جل وعلا علينا، ونسأله جلت قدرته أن يتغمد بواسع رحمته المؤمنين والمؤمنات الذين كانوا يحيون هذه الليلة في الأعوام السابقة وهم الآن تحت الثرى. فإلى
أرواحهم وأراح جميع موتى المؤمنين والمؤمنات الفاتحة.
ليلة القدر أو ما يطلق عليها في بعض المصادر ليلة الجهني واسمه (عبدالله بن أنيس الأنصاري) وذلك للرواية الواردة عن الإمام الباقر عليه السلام (أن الجهنى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله إن لي إبلا وغنما وغلمة فأحب أن تأمرني بليلة أدخل فيها ، فأشهد الصلاة وذلك في شهر رمضان ، فدعاه رسول الله (ص) فساره في أذنه ، فكان الجهني إذا كان ليلة ثلاث وعشرين دخل بإبله وغنمه وأهله وغلمته فكان تلك الليلة بالمدينة
، فإذا أصبح خرج بأهله وغنمه وإبله إلى مكانه .
وأما فضلها فهو عظيم جدا لا يضاهيه فضل كما نصت عليه الآيات والروايات الشريفة فهي خير من الف شهر أي ما يزيد على الثمانين عاما فتصور أخي المؤمن / أختي المؤمنة أنك تعيش ثمانين عاما وعبادتك مثل هذه الليلة ترجو الله فيها العفو والمغفرة والعتق من النار ، ويكفي في فضلها أنه تعالى أنزل فيها سورة تتلى من القرآن وهي “سورة القدر” ، وليلة القدر تقع في شهر رمضان وهو من الأشهر الشريفة الذي أنزل فيه القرآن ، وقد نزلت في ليلة القدر آيات من القرآن كما في قوله تعالى ” حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين” ، وهي الليلة التي أنزل الله فيها القرأن إلى البيت المعمور جملة واحدة ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله (ص) في طوال عشرين سنة. ولعظم فضلها خاطب الله جل وعلا رسوله الكريم بقوله تعالى “وما أدراك ما ليلة القدر” ومن
فضلها الذي لا يحصى أنها “تتنزل الملائكة والروح فيها”.
وفي رواية عنه (ص) كما هو مروي في البحار للمجلسي أعلى الله مقامه أنه قال ” إذا كانت ليلة القدر ، أمر الله عز وجل جبرائيل (ع) فهبط في كتيبة من الملائكة الى الارض ومعه لواء أخضر ، فيركز اللواء على ظهر الكعبة” إلى أن قال “ويبث جبرائيل الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومص ّل وذاكر ، ويصافحونهم وي ّؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر”، فإذا طلع الفجر نادى جبرائيل (ع) يا معشر الملائكة الرحيل ، فيقولون يا

جبرائيل فما صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من أمة محمد (ص) ؟ فيقول إن الله نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة ، قال : فقال رسول الله (ص) : وهؤلاء الأربعة هم : مدمن الخمر ، والعاق لوالديه ، والقاطع الرحم ، والمشاحن”. كما أنه من فضلها أيضا أنها سلامة من الشرور والبلايا وآفات الشياطين (سلام هي حتى مطلع الفجر).
ليلة القدر ليلة الإمضاء:
نصت الروايات الصحيحة أن الله سبحانه وتعالى يقسم الأرزاق ليلة النصف من شعبان ليلة ميلاد منقذ الأمة من الظلمة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف كما ورد عن مولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ويمضيها في ليلة الثالثة والعشرين من شهر
رمضان التي هي ليلة القدر ويكون من المحتوم الذي لا يتغير.
وعليه فإنه ينبغي علينا يا أخواني المؤمنؤن وأخواتي المؤمنات ونحن نحي هذه الليلة المباركة أن نستحضر ذنوبنا وآثامنا وأعمالنا التي ارتكبناها طوال حياتنا ونعاهد الله بالتوبة وعدم العودة إليها ونسأله سبحانه وتعالى أن يغفرها لنا ويتوب علينا ويرحمنا ويعتق رقابنا
من النار ويدخلنا الجنة مع محمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين .
من المهم جدا في هذه الليلة أن لا يقتصر طلبك أخي المؤمن على زيادة الرزق والتوفيق ودخول اللجنة بل أن يرقى إلى أن يهبك الله الشفاعة لإخوانك المؤمنين يكون الصفح والعفو عما بينك وبين المؤمنين وخاصة من الأرحام ، وإبراء ذممهم عما بينك وبينهم من حقوق (عدا الحقوق المالية ، فذاك شيء آخر) ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله ، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يصلح نياتنا ويحسن تعاملنا مع الآخرين ، فالدين المعاملة. ولا ننسى أن جميع أعمالنا وأقوالنا تحت نظر صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف فلنحاسب
أنفسنا في كل لحظة “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.
أسأل الله أن يوفقني وإياكم لإحياء هذه الليلة الشريفة وأن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال ، ولا تنسوني ووالدي وولدي وأرحامي من خالص دعاءكم . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ابو علي حسن مال الله 3441/90/22هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *