محطات من سيرة المرحوم حبيب مهدي الخواهر ( أبو سمير ) بقلم / عباس الخواهر ( أبو طارق )

تمر الأيام والسنون وتتساقط أوراق شجرة الطيبين الواحدة تلو الأخرى، نبكي ونحزن ونعصر ما في القلب من حرقة الألم على فقد هذه الأوراق من تلك الشجرة المثمرة من العطاء، وفي نهاية الامر نحبس الدمعة ونتراجع لعلمنا علم اليقين اننا جميعاً راحلون وأن لا شيء باق إلا وجهه سبحانه وتعالى ( ُك ُّل نَ ْف ٍس ذَآ ِئقَةُ ا ْل َم ْو ِت ……. الآية )، وما
تلك الا سنة الحياة، وتبقى تلك اللحظات والمواقف التي تعشعش في ذاكرتنا وخواطرنا وحتى احلامنا.
من هنا نسترجع شريط الذكريات لبعض من المحطات لسيرة فقيد العائلة والمجتمع حبيب مهدي الخواهر( أبو سمير ) لعلنا نوفيه ولو الشيء اليسيرمن حقه.
عاش رحمه الله وترعرع في مسقط رأسه (عنك). خاض معترك الحياة منذ نعومة أظافره واستهلها بتعلم قراءة القرآن الكريم ومبادئ الكتابة على يد “المعلم” المرحوم الحاج حبيب.
التحق بشركة ارامكو السعودية وهو في سن مبكرة ليشق طريق المستقبل ويرسم البداية لإنطلاق الأنشطة الاجتماعية والتطوعية التي تميز بها ، ومن ضمن الجهود المضنية التي بذلها في عنفوان شبابه العمل في وظيفة إضافية مع شركة ( باخشب ) بالخبرالى جانب وظيفته الرسمية بشركة ارامكو ، وشيد حينها المنزل الذي كان ولا يزال يعرف
بـ ( المسلح ) وهو اول بيت تم تشييده من الخرسانة المسلحة في عنك.
اخذ على عاتقه الاهتمام بالشؤون الاجتماعية خاصة أنشطة شباب البلد الرياضبة فأسس اول نادي رياضي بعنك في اوائل الخمسينات الميلادي واسماه النيل (نادي الساحل حالياً) حيث كان أول مقر له مجلس الوالد (أبو حبيب) رحمه الله والكائن بجوار بيت آل نصيف، بعيداً عن التمييز العنصري بشتى أنواعه، بل كان حريصا على التعاون والتعاضد والعمل بلحمة الجسد الواحد سوياً. لقد عمل جاهدا على انضمام وتسجيل النادي رسمياً تحت مظلة إدارة رعاية
الشباب وقد تكللت جهوده بالنجاح.
بعد أن التحق بمدارس ارامكو السعودية بالظهران وأنهى المقررات الأكاديمية واتقن اللغة الإنجليزية عزم على مواصلة الدراسة الجامعية في تخصص إدارة الأعمال بالمراسلة حيث نال شهادة الدبلوم الجامعي ( Associated Degree) من جامعة فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت اختباراتها النهائية حضوريا، ليصبح هو
ورفيق دربه عبدالله العيد ( ابو غازي) – رحمهما الله – من اوائل حملة الشهادات الجامعية في العليوات بعنك.
استثمر من المشاركات في العديد من الندوات والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها في تطوير مهاراته المهنية التي اهلته ليصبح من الاداريين المتميزين بشهادة المسؤولين وكذلك الموظفين تحت ادارته وفتحت له آفاق معرفية وثقافية على نطاق واسع عززت من فلسفته في الحياة الهادفة على الانفتاح على المجتمعات الأخرى.
مهدت له مؤهلتاه وجدارته المهنية الطريق ليتبوأ المراتب المتقدمة في السلم الوظيفي وعلى إثر ذلك تهيأت له الظروف الملائمة للمساهمة في مساعدة الراغبين خصوصاً من شاب البلد في الالتحاق بشركة ارامكو او حتى الانتقال من إدارة الى أخرى إما بحثاً عن فرص الترقية او لإيجاد بيئة عمل مناسبة اكثر.
يدرك من عرفه عن قرب قوة شخصيته ودماثة خلقه وطيبة قلبه. كان بارا بوالديه، يحترم الصغير ويجل الكبير، وكان كريماً مضيافاً يمد يد العون والمساعدة للجميع، ولم يدخر جهداً في اصلاح ذات البين بين الفرقاء من الاهل والأصدقاء.
يمكننا القول أن جزئية كبيرة من هذه السيرة العطرة تلامس الى حد كبير ما وصفه الدكتور الأمريكي البروفيسور كارل روجرز في كتابه (نظرية الذات) عن زرع الثقة بالنفس ومقومات بناء الشخصية والابداع الذي هو جوهر التجديد والتحدي.
انتقل الى جوار ربه صباح يوم الأحد ٢٠٢١/١٠/٣١ ميلادي الموافق ١٤٤٣/٣/٢٥ هجرية عن عمر ناهز خمس وثمانون سنة أفنى جل شبابه منه في خدمة المجتمع.
رحم الله الفقيد بواسع رحمته وحشره الله مع محمد وال محمد ، ورحم الله من أهدى له وللمؤمنين والمؤمنات سورة المباركة الفاتحة .