الرئيسية / إسلاميات / وقفات عاشورائية … إعداد: علي الأصيل

وقفات عاشورائية … إعداد: علي الأصيل

تحدّثنا في حلقة الأمس عن أهمية القيادة بشكل عام، وفق ما جاء في كتيّب صغير الحجم (الإمام الحسين مدرسة للقادة، ط 1432هـ) لمؤلفه الأستاذ كاظم الشبيب وعن دور القائد، وعن أسباب كون الإمام الحسين (ع) نموذجاً أمثل. (الجزء الثاني)

[مواصفات القائد]
يمكن عرض أفكار الإمام الحسين (ع) عن القيادة على نسقين:
الأول: ما يطرحه الإمام كصفات عامة وأساسية للقائد والحاكم.
الثاني: ممارسات الإمام التطبيقية والفعلية لمواصفات القائد وسلوكه.

 [صفات القائد العامة]
▪️العامل بكتاب الله: مع نفسه وتجاه أهله وبيئته ومجتمعه وسياسته وقضائه.
▪️ الأخذ بالقسط: مجمل معركة كربلاء هي معركة بين العدل وأهله، والظلم وأهله.
وقد سعى الإمام (ع) عبر خطبه وكلماته أن ينصف أعداءه منه وأن ينصف نفسه منهم، فقد تجلّى ذلك في تكرار ألفاظ، مثل المعذرة والأعذار، كلّها كانت في سياق إلقاء الحجة عليهم وقيامه بواجبه تجاههم.
▪️الدائن بالحق: قاعدة الحق، من القواعد الأساسية التي تنطلق منها مواقف القائد الرسالي، وهو الحق الذي يشخّصه ويحدده كتاب الله ويقوم على العدالة والقسط، سواء أكان هذا الحق مع الضعيف أم مع القوي.
▪️الحابس نفسه على ذات الله: كان مطلبه الدائم عليه السلام هو (رضا الله)، فعندما ودّع قبر جدّه رسول الله (ص)، قال: “اللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر، وأسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه إلا اخترت لي ما هو لك رضا ولرسولك رضا”.

[صفات الممارسة القيادية]
▪️مصداقية القائد في استقامته: استقامة القائد الحقيقي تتلبّسه في كلّ مراحله وفي رؤيته ونشاطه وهدفه، فهو لا يساوم على حساب قضيته، مهما كبرت المكاسب الآنية.
وغير خفيّ عليكم أنّ التلبّس الذي نقول به تلبّس مجازي، لا واقعي؛ لأنّ استقامة الإمام فطرية لا تحتاج إلى تلبّس.
▪️تواضع القائد في سلوكه:
القائد الرسالي لا تتملّكه نرجسية لذاته مما ينفّر الآخرين من حوله، بل هو من التواضع بمكان بحيث يخجل الآخرين من تواضعه لهم، وكتب التاريخ والسّير لا تخلو من مواقف متعددة تشهد بملازمة هذه الصفة له عليه السلام.
ومن صور التواضع أيضاً، إجادة فنّ الاستماع للنصيحة، والقبول بها، بل أنه يبحث عن المستشارين الصادقين، وكذلك يقبل عذر من أخطأ في حقّه.
▪️إيثار القائد في تضحيته:
القائد الرسالي يؤثر الآخرين على نفسه حتى في ممتلكاته الخاصة. ومن تضحيات القائد القدرة على تحمّل الآخرين، كالمنتقدين، والمراقبين، والحاسدين، والحاقدين والطامعين والناصحين.
▪️ثبات القائد على مبادئه:
مما ينبغي للقائد الحقيقي التمسك به، قيم ومبادئ كثيرة، منها: التعاون، الحب، الصبر، الحلم، سعة الصدر، السخاء، المروّة، الورع، حُسن الاستماع، حُسن العشرة، الاستشارة، الإنصاف، المساواة، وغيرها.
الإمام الحسين (ع) جسّد كلّ تلك المبادئ في مواقف متعدّدة.
▪️إخلاص القائد لقضيته:
لا يفكّر القائد الرسالي في مكاسبه الشخصية على حساب قضيته، فقد جاء الكثيرون للحسين (ع) يعرضون عليه قبول بيعة يزيد، فلم يتزعزع إخلاصه لقضيته لحظة واحدة، ولا ينازع الآخرين والمحيطين به في حظوتهم من الرفعة والتدرج في السلم الاجتماعي والسياسي، بل يهتم بتقوية من حوله؛ لأن علوّهم إعلاء للقضية التي يتبنّى الإخلاص لها.
ومن جهة أخرى، يؤمن بقاعدة (الاعتماد على قلّة من الأقوياء أفضل من كثرة الضعفاء)؛ لأنّ كثرة الضعفاء تزيده ضعفاً في الرأي والمواقف، بينما الأقوياء يزيدونه قوة في البصيرة والمواقف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *