الرئيسية / مقالات / حركة الأرض سورة النمل آية (٨٨) للكاتب الأستاذ حسين آل عصفور

حركة الأرض سورة النمل آية (٨٨) للكاتب الأستاذ حسين آل عصفور

قال تعالى في سورة النمل الآية (88): بسم الله الرحمن الرحيم (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ )
تقرأ هذه الآية أو تسمعها تظن من أول وهلة أنها من الآيات التي تثبت حركة الأرض – وقلت هنا حركة الأرض أعم من كونها تدور حول نفسها أم تسير باتجاه محدد ولجهة معينة – المهم أنها تـتحرك.

لكن لو توقفنا عند بعض النقاط سنرى أنه لا علاقة للآية بما يردده البعض في قضية حركة ويربطها بالاكتشافات العلمية وغيرها.

فما رأيكم أن نتجول في فضاء الآية لنرى مدى صحة هذا الربط:
لنأتي أولًا لسياق الآية:(وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ…)
من الواضح أن ما قبلها وما بعدها يتحدث عن وقت نفخ الصور أي لقطة من لقطات يوم الفزع الأكبر ويوم القيامة وليس في الدنيا، هذا أولًا.

ثانيًا: هناك تعبير جاء فيها يثبت أن مراد الآية لا علاقة له بحركة الأرض وهو قوله (وَهِيَ تَـمُـرُّ)
فالمرور لا يكون مرورًا إلا في حالات ثلاث لا رابع لها:
1) أما حركة وسكون، كأن تكون أنت ساكن بلا حراك وهو يتحرك.
2) أو تفاوت في الحركة، كأن تكون أنت وهو متحركان، ولكنه أسرع منك.
3) أو اختلاف في الاتجاه، كأن يكون اتجاه السير مختلف، كأن تكون أنت تسير للشمال وهو يسير للجنوب مثلًا.
بينما الجبال هي تسير ونحن نسير معها، لأن القاعدة التي عليها تتحرك وهي الأرض، في هذه الحالة يقال تسير وليس تمر.
فمن يجلس بقربك في قطار متحرك أتقول عنه أنه يمــر أم تقول يتحرك؟ أيهمـا أصح؟
فيوم القيامة سيحدث سير للجبال من جهة الحقيقة، أي أنها تتحرك وليس أنها تتحرك لأن الأرض تتحرك بل تحرك ذاتي.
فسيكون هناك سير لها في عرصات يوم القيامة أو قربه (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) وقوله أيضًا (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا)
فهنا سير بلحاظ الحقيقة، ويكون ايضًا مرور بلحاظ النسبة، مرور بالنسبة لك أما لأنك واقف وهي تتحرك، أو لأن جهة الحركة مختلفة بـيـنكما، أو لأن سرعة الحركة فيها تفاوت.
قد يقول قائل: ها هي الآيات تقول بأن الجبال تسير أيضًا، أقول نعم: ولكن كِلا الأمرين ســير أو مـرور هما حدثان في الأخـرة وليس في الدنـيــا.
والآية (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) لا علاقة لها بما يدعيه البعض من حركة الأرض.

الكاتب الأستاذ: حسين آل عصفور
مملكة البحرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *