الرئيسية / مقالات / سعادتنا تتشكل بنظرتنا للأمور

سعادتنا تتشكل بنظرتنا للأمور

ينبعث جانب من سعادة الإنسان من قراءته لما يشاهده بعينيه ويعيشه بوجدانه. يرى أماكن وبلدان في جغرافيا الأرض الواسعة، مدن متقدمة أو قرى مهجورة، جبال خضراء أو أودية يابسة، بحار هادئة أو محيطات هائجة، حدائق غناء أو أحياء خربة، ناطحات سحاب أو بيوت من القش، أطفال في قمة السعادة يلعبون أو أطفال في قمة الشقاء يبكون، عروسان في ذروة الفرح لحظة زواجهما أو زوجان في ذروة الحزن لفقدهما ولدهما…إلخ. وربما يتابع أحداث سياسية معينة، أو يتابع تحولات اجتماعية جارية. أحداث وحوادث، أفراح وأتراح، فيرتسم عندنا لكل مشهد صورة ما أو إنطباع ما، فتتشكل وجهات نظرنا وتتجلى لنا مواقفنا، ثم ينبعث منها مشاعر وأحاسيس متنوعة، كالشعور بالراحة، المتعة، الإنبساط، الألم، القهر، الغضب، الحب، الكراهية، التعاطف، الشفقة، فتتحول تلك المشاعر أما كجزء من سعادتنا أو كجزء من تعاستنا وفق ما شكلته قراءتنا لما نشاهد ونُعايش.

لذا نحتاج لصياغة وبناء أفكارنا ووجهات نظرنا حول الأماكن والأحداث، أن نكون متنبهين لأمور كثيرة، منها الأمور الثلاثة التالية:

الأول: أن يكون لدينا تصور عام وشامل عن المكان أو الحدث، بالمقدار الممكن، وليس مجرد رأي بسيط حوله، بحيث لا نقتصر على فهم زاوية واحدة فقط مما يجعل تصورنا غير مكتمل، وبالتالي سيكون حكمنا على المكان أو الحدث حكماً ناقصاً.

الثاني: أن نكون في المجمل إيجابيين، فبعض الأماكن هي مجال للجمال والزينة مما يدفعنا للاستمتاع بنعمة الجمال، وبعض الأحداث مليئة بالفرح والمسرات مما يحمسنا للاستمتاع بمتابعتها ومعايشتها.

الثالث: أن نبتعد قدر الإمكان عن أحادية الرؤية التي تحجب عن المرء الرؤية الشاملة، كرؤية الأماكن بنظارة سوداء، أو رؤية الأحداث بثقافة البعد الواحد الضيق، مما يجعل قراءتنا للأماكن والأحداث مشوهة وناقصة، وبالتالي ربما تكون أحكامنا وقراراتنا متطرفة.

إن الطريقة التي ترى فيها العالم، والمعنى الذي تُضفيه على ما تشهده، تُغير طريقة شعورك، ويُمكن لها أن تكون الخطوة الأولى لرحلة روحية وعصبية ستُؤدي إلى المزيد والمزيد من الاتزان، وإلى أن تكون حالتنا الافتراضية أكثر ابتهاجاً على نحو متزايد…وما هي إلا مفتاح رئيسي يفتح جميع الأقفال التي تسجن سعادتنا…ينبغي علينا النظر إلى أي موقف أو مشكلة موجودة من المقدمة ومن الخلف، من الجانبين، ومن الأعلى ومن الأسفل، إذاً على الأقل من ست زوايا مختلفة. يسمح لنا هذا بأخذ نظرة أكثر كمالاً وشمولية للحقيقة، وإن فعلنا ذلك، ستكون استجابتنا بناءةً أكثر…إن ما نظنه غالباً الواقع هو مجرد جزء من الصورة… إن وجهة النظر الأوسع تُؤدي إلى الصفاء والاتزان. هذا لا يعني عدم امتلاكنا القوة لمواجهة مشكلة، ولكن يمكننا مواجهتها بإبداع وتعاطف لا بجمود وتفاعلية.

أما بالنسبة للأماكن، كالبيوت والقرى والحدائق والمدن وغيرها، من المهم أن نُشير إلى أهمية فهمها بعمق لا بسطحية. أن نفهم روح المكان، ولا يقتصر فهمنا على الشكل العام للمكان. لأن الفهم العام غير الحميمي سهل يسير، وكما يقول المثل الباسكي يعرف المجنون ما في بيته أكثر مما يعرف العاقل ما في بيت الآخرين. من هنا تنبع حكمة وضوح الصورة والرؤية لمن يمتلكها، والفارق بينه وبين من لا رؤية له. فيسعد الأول ويشقى الثاني.

في المقاطع القصيرة المرفقة ما يخدم فكرة الموضوع من زوايا متعددة
“لا تنظر للامور من زاويه واحده” للمشاهدة اضغط هنا

“لاتستعجل في فهم الشخص الذي أمامك انضر من زاوية أخرى” للمشاهدة اضغط هنا

“كيف ننظر للحياة بالشكل الصحيح” للمشاهدة اضغط هنا

الكاتب الأستاذ: كاظم الشبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *