هل نُحسن قراءة ذواتنا؟
قل لي كيف تقرأ نفسك أقول لك من أنت وكيف أنت. قل لي ما نوع المرآة التي تنظر إليها أقول لك من أنت. الخطأ في قراءة الذات يعني التعاسة بأوجه مختلفة، فإما أن نبالغ في تضخيم الذات مما يقودنا إلى البحث عن ما يرضي تضخمها فنتدرج في سلم النرجسية، وبعدها ربما نُصاب بداء العظمة، أو نبالغ في التقليل من قدرات الذات مما يجرنا نحو السقوط في هاوية الإنكفاء والفشل والتحطيم للنفس. من يخطأ في قراءة نفسه فهو يسير على الدرب المغلوط من الحياة، كمن يشاهد نفسه في مِرآة مهشمة، فيعطي تقديرات خاطئة عن شكله وهندامه. سلامة المِرآة يعني سلامة القراءة. وكما يقال “الْمِرْآةُ مِثْلَمَا تُرِيهَا تُرِيك”. فسلامة قراءة الذات يعني سلامة تقدير الذات والموقف منها، وهي من أبواب سعادة الإنسان.
هناك من لا يريد قراءة نفسه كي لا تنكشف أمامه حقيقة ذاته، تماماً كالمصابين بمرض الخوف من المِرآة المسمى بالسبكتروفوبيا أو مرض رهاب المرايا، بحيث يخاف الشخص من المرور بالمرايا أو أي سطح عاكس. “هناك حالة نفسية غريبة تدعى “كراهة شكل البدن” والمصابون بهذه الحالة يعتقدون أنهم بشعون فيقضون أوقاتاً طويلة أمام المرآة متذمرين من ملامحهم. فمنهم من يعتقد أن أنفه ضخم ومنهم من يرى أن بشرته دميمة وثالث أن شفته غليظة ورابع أن جبهته نافرة. في الغالب لايكون لهذا الإعتقاد أساس من الصحة (أو مبالغ به إلى حد مرضي) ولكن حين يتملك أحدهم الوسواس لا يرى في المرآة إلا كل قبيح وبشع!! ويقدر عدد المصابين بهذا الوسواس في الولايات المتحدة فقط بعشرة ملايين شخص يدمنون النظر في المرآة – نصفهم يعتقدون أنهم دميمون لدرجة تمنعهم من مغادرة المنزل. وهناك حالة طالبة فنون تدعى “فيكي” التي تَضخَّمَ لديها الشعور بالدمامة حتى اعتزلت الناس وحبست نفسها لأربع سنوات .وخلال هذه الفترة كانت والدتها الوحيدة التي تستطيع الدخول عليها والحديث معهاـ وحتى في هذه الحالة كانت تغطي وجهها بوشاح أسود. العجيب أن فيكي كانت “قمة” في الجمال وصفاء البشرة ورقة الملامح. شفاء فيكي من أزمتها أتى من جهة غير متوقعة على الإطلاق؛ فخلال فترة اعتزالها كانت شبكة الانترنت هي نافذتها الوحيدة على العالم. فقد كانت ترتاح لاستعمالها لأنها تتيح لها الإتصال بالناس بدون أن يروا وجهها. ومن خلال الإنترنت تعرفت على أفراد عانوا قديماً من نفس الوسواس فساعدوها بالتدريج على الخروج من محنتها. وكانت أول نصيحة تقيدت بها هي كسر المرآة الضخمة في غرفتها.”
من المهم للإنسان كي يكون سعيداً أن يصل إلى قراءة طبيعية لذاته. لا مبالغة في تضخيم “الأنا”، ولا مبالغة في تحطيمها. والأهم هو الوصول إلى “الأنا” الطبيعية، وعدم الابتلاء بـ “الأنا” المرضية. “في دراسة متطلعة إلى المستقبل في مراكز متعددة خاصة بأمراض القلب التاجية، وجد الباحث في الصحة “لاري سشيرويتز” أن الناس الذين كانوا يكررون من استخدام “أنا”، “نفسي”، و”ملكي”، كانوا يُواجهون خطراً أكبر بالإصابة بأزمة قلبية، وخطر أكبر بأن تكون الأزمة القلبية قاتلة. وجَدت دراسة أكثر حداثة أجراها الباحث “يوهانس زيميرمان” أن الأشخاص الذين يستخدمون غالباً الكلمات التي تدل على المفرد المتكلم، أي أنا ونفسي، هم أكثر قابلية للتعرض للاكتئاب من الأشخاص الذين يستخدمون عادة ضمائر الجمع المتكلم، أي نحن وأنفسنا. كان هذا دليلاً مثيراً للاهتمام على أن المبالغة بالإعتداد بالنفس يجعلنا بالفعل تعساء”.* فهل نُحسن قراءة أنفسنا؟
في المقطع المرفق زاوية مختلفة للموضوع حول قراءة الذات عند جيل الشباب اليوم
اقرأ نفسك جيدا تكون سعيداً
“الهشة العقلية الى القوة العقلية! يجب أن تشاهد هذا الفيديو! Fragile to Mentally Strong 💪 … لمشاهدة المقطع هنا
الكاتب الأستاذ: كاظم الشبيب
📂 كتاب البهجة ص 234-235