الرئيسية / مقالات / مِرآة للسعادة 

مِرآة للسعادة 

عندما يريد أحدنا التأكد من سلامة شكله ينظر في المِرآة. عندما نريد أن نتزين ننظر في المرآة. إذا أردنا التأكد من تناسق أناقـتنا للخروج من المنزل ننظر إلى المِرآة. لماذا؟. لأننا نجهل كيف أصبح مظهرنا، فنحتاج إلى أداة تساعدنا على ذلك، وهي المِرآة. بعدها، إما أن نبدأ بتعديل ما ينبغي تعديله من مظهرنا،  أو القبول بشكلنا. لماذا أيضاً؟. لأننا نحب أن نظهر بمظهر لائق، ونجد في ذلك راحتنا. هذا على الصعيد الشكلي والخارجي، أما على الصعيد الداخلي والنفسي، ومن أجل أن نكون سعداء نحن بحاجة إلى قراءة أفكارنا، قراءة وجهات نظرنا، قراءة تصوراتنا، قراءة مواقفنا، حتى نرى مدى صحتها، صوابيتها، فائدتها، نضجها، وسلامتها. هي عملية شبيهة بالمِرآة الداخلية، كي نعرف مدى التناسق بين أفكارنا وسعادتنا. 

أفكارنا ذات حدين، إما أنها بمثابة عود ثقاب تحرقنا، ثم نغرق في عالم التعاسة. أو أنها بمثابة شمعة تضيء لنا الطريق، ثم ننعم وننتعش في عالم السعادة. لكل واحد منا أفكار تراوده، ثم تغادره، ولكن يبقى أثرها. لكل منا خيالات تزوره ما تلبث أن تطير، وأيضاً يبقى أثرها. هي مجموعة من الأفكار، الخيالات، التوقعات، التصورات، وأحلام اليقظة، ومع مرور الزمن، وحسب تمكن مِرآة كل شخص من قرائتها، ثم تشذيبها أو إلغائها، محوها أو تثبيتها، تعديلها أو إعادة تدويرها، تطويرها أو تنقيحها. لماذا كل ذلك؟. لأننا بحاجة دائمة بأن يكون لنا وجهة نظر عن أنفسنا، عن غيرنا، عن المجريات والأحداث المحيطة بنا، أي أن يكون لنا رأي أو فكرة عن جميع الأمور المرتبطة بنا، وحول كل شيء لكي نستطيع أن نُـشكل ونُحدد موقفنا وسلوكنا تجاه أنفسنا وغيرنا والأحداث المتتالية حولنا. كما هي استخداماتنا للمِرآة في معظم جوانب حياتنا، أشكالنا، السيارات، الكاميرات، التلسكوبات، التسوق، صالونات الحلاقة والتجميل، الديكورات والزينة،…إلخ، حتى أمست المِرآة لا غنى عنها في حياتنا المعاصرة. 

 ما دامت المِرآة موجودة، فسوف تقوم بعملها، بحيث تعكس صور كل الأشياء التي تصادفها. كذلك نحن البشر، ما دمنا أحياء، نتنفس الهواء، نأكل ونشرب، فمن الطبيعي أن نمارس عملية التفكير، لأنه، وبتعبير أفلاطون: “التفكير:هو حوار الروح مع نفسها”. الفارق بين ما تقرأه المِرآة وما نقرأه نحن هو أن المِرآة لا تفكر، فلا تخطأ، لذلك يقول المثل الروسي “ليس خطأ المِرآة إذا كانت للوجوه عيوب”، أما نحن فقرائتنا من الممكن أن تُصيب أو تُخطئ. لذا نصبح بحاجة لقراءة أفكارنا المرة تلو الأخرى، ثم إعادة القراءة أيضاً المرة تلو الأخرى، لكي نتمكن من الإطمئنان المتواصل على أننا نسير في الدرب الصحيح للسعادة والسعداء.

في المقطع المرفق إيضاحات جميلة حول ماهية السعادة

“ما هي السعادة؟ ?What is Happiness” للمشاهد هنــا

الكاتب الأستاذ: كاظم الشبيب

تعليق واحد

  1. َمقال رائع جدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *