الرئيسية / مقالات / ثقافة التوفير المبكر للأطفال

ثقافة التوفير المبكر للأطفال

تعددت الحضارات على الكرة الأرضية وتنوعت معها الثقافات الإجتماعية والإقتصادية وغيرها، وأصبح الإنسان، بكل أطيافه، يمارسها في حياته اليومية بشتى صورها المتأصلة منها والمكتسبة، فنمط الحياة القديمة والمعاصرة تجبر الإنسان على تغيير بوصلة ثقافته بإتجاه أمور جديدة قد يتجاوز بعضها ما هو سائد في عُرف المجتمع من عادات وتقاليد.

من هنا، اصبح لزاماً بأن نحرص على إنتهاج الثقافة المفتوحة ونتزود من ما هو مفيد منها؛ من بين هذا التنوع، ثقافة التوفير أو ما يُعرف بالإدخار لدى الأطفال، فعندما نزرع هذا النموذج من الثقافة في نفوس الأطفال سيساعدهم ذلك على أن يتبلور لديهم الإدراك بأهمية إدارة الشؤون المالية.

لا شك أن تعلم الأطفال كيفية تطبيق مفهوم الإدخار على أرض الواقع، في السنوات المبكرة من عمرهم، سيحقق أهداف مستقبلية عدة، من أهمها وأبرزها، خلق ما يمكن وصفه بجيلٍ واعٍ وواعدٍ يتمتع بنمط وسلوك منفتح على عالم الإقتصاد، خصوصاً بما يتعلق بملتزمات الإسرة المالية، ولكي تسير هذه الأمور في الطريق الصحيح، لا بد من دور بارز وبناء للإسرة يتمحور حول تعليم الأطفال مهارات كيفية التعامل الصحيح بالشؤون المالية، حيت سيساهم ذلك في صقل موهبة الإدخار والتوفير لديهم بدءاً من توجيههم وإرشادهم بضرورة التوافق بين الإنفاق والتوفير، فعندما تنمِّي الإسرة هذه الثقافة تكون بذلك قد أسست قاعدة صلبة وسليمة تدعم مستقبل الأطفال.

غالبية البنوك، إن لم يكن جميعها، تشجع وترحب بفتح حساب توفير للأطفال حتى وهم في حداثة سنهم،  وفي حال تعذر فتح حساب لدى البنك، لأي سبب من الأسباب، فإن البديل المنطقي هو تأمين مدخرات الطفل في مكان آمن في البيت بعيداً عن الأعين.

لكي ينجح هذا المشروع الحيوي والهام، لا بد من دعمه وذلك من خلال الإستمرار بإيداع المبالغ في حساب الطفل لدى البنك او في “حصالة” النقود في البيت، حتى اليسير منها، لأنها ستنمو وتصبح، مع مرور الأيام، في إزدياد دون أن تشكل أي ثقل أو عبء مالي على الأسرة.

تأتي مكافأة الأطفال على حسن تصرفهم فيما يتعلق بالشؤون المالية ضرورة ملحة، كعامل أساسي في هذا الشأن، لأن ذلك سيشجعهم على التفاني بإتباع هذا السلوك ويحفزهم أيضاً على الأخذ بمبادرة الإدخار والتوفير من تلقاء أنفسهم.

من أهم ما تعلمناه منذ الصغر، ولا يزال عالقاً في اذهاننا، والكثير منا يعمل به،  هذه المقولة:  “إدخر القرش الأبيض لليوم الأسود”  لأنه قد يمثل طوق نجاة يحد من نكبات الدهر وويلات الأيام.

 

بقلم الأستاذ: عباس مهدي خواهر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *