الرئيسية / إسلاميات / يوم الأربعين

يوم الأربعين

يوم الأربعين

بقلم الاستاذ محمد يوسف مال الله.

ويتجدد الحزن ومازالت الدموع تتساقط على الوجنات وكربلاء تفتح أبوبها كأنها الجنة التي وعِد المتقون، هناك حيث ترقد الأجساد الطاهرة تحت أرضها في جنة عرضها السماوات والأرض، حيث جسد الإمام الحسين وعلي الأكبر والعباس والقاسم وأصحاب الحسين عليهم جميعاً سلام الله وصلواته.
ها هم المؤمنون من الزائرين والموالين من جميع اقطار العالم يتوافدون ليحيوا ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه (ع) في مشاهد جميلة ورائعة، تحف بهم الملائكة وهم بين نائحٍ وباكٍ وملبٍ وداعٍ ومنادٍ “لبيك يا حسين”، وهتافات تتبعها صرخات تضج بها حناجرهم لتخرج من أفواههم لتملئ العالم بالأمل وتزرع في النفوس الطمأنينة والأمان برغم المخاوف والمخاطر التي تحف بهم.
لم يعد يوم الأربعين مهرجاناً للشيعة وحدهم فحسب، بل صار يوماً عالمياً يبعث برسالة الإسلام لتتحقق من خلالها أهداف الإمام الحسين (ع).. “لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”، رسالة يحملها المؤمنون نيابة عنه لينشروها للعالم بلا استثناء، بل أن الإعلام غير الإسلامي تراه يتحدث عن ملحمة الطف بكل ما فيها من رؤى وأهداف وأحداث مأساوية تدمي لها جبين الإنسانية.
في هذا اليوم العظيم الذي زار فيه الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري رضوان الله عليه الإمام الحسين (ع) وحيث اغتسل وتطيّب وتلمّس القبر الشريف وسلّم على الإمام الحسين (ع) ولكنه لم يسمع رد السلام، فبكى ونادى “حبيب لا يجيب حبيبه،  أنّى لك والجواب وقد فُصِلَ بين رأسك وبدنك”.
في تلك اللحظات الحزينة والبكاء والنحيب يصل الإمام زين العالدين، علي بن الحسين مع اهل بيته عليهم السلام ليتجدد حزنهم ويرمون بأنفسهم فوق القبور بلهفة وشوق وعويل وبكاء وذكريات مأساوية تتفطر لها القلوب وتذرف فيها الدموع من العيون في مشهد قلّ نظيره وتعاظم في الخطوب أثره ليتجدد عبر السنين.
هناك حيث الإيمان والسلام من أولائك اللذين نذروا أنفسهم لإحياء تلك الشعيرة العظيمة، حشود متنوعة من جميع أقطار العالم ملبين ومهللين من مؤمنين ومسلمين ومسيحيين، فالإمام الحسين (ع) رمز التضحية والفداء والعزة والإباء لكل ذي نفس حرة تعشق الحرية وتتوق للعزة والكرامة وتأبى الذل والهوان وتتطلع إلى النور الرباني الذي يملؤ الآفاق ويشع في الوجود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *